الامـــاكــــن
بعض الاماكن كالخناجر .. المرور عليها و الوقوف بها يمزقك ويدمرك
اماكن تمر بها
فتشم بها رائحة ماضيك
فكأنها تعيد الزمن اليك
بطقوسه .. بسويعاته .. بذكرياته
باناس قاسموك يوما كل شيء
حتى انفاسك
و اماكن تمر بها
فترى ملامح طفولتك
تلمح بها رفاقك الذين كبروا
تنقب خطوات شقاوتك على ارضها
وتبتسم بمرارة
وتردد ((ليتنا لم نكبر))
و اماكن تمر بها
فتفتح لك دفاترك المغلقة
تستعرض امامك صفحاتك
القديمة
تعيد اليك ما القيت به في خزانة
الذاكرة معتمدا
وتمنيت مع زحمة الايام ان تنساه
وتعلقت بطوق النسيان في بحر
الحياة ولم تنسه
و اماكن تمر بها
فتكشف لك جرحك المستور
و تعري امامك جسد الذكرى
المغطى برداء النسيان
و تاتي اليك بارواح لوحت لها يوما
مودعا
ولوحت لك باكية
وانكسار النصيب .. ثالثكما
و اماكن تمر بها
فتطفئ نور صفحاتك البيضاء
التي تفننت في زخرفتها وتنقيتها
وتستعرض امامك صفحات سوداء
تفننت في الهروب منها
وحاولت جاهدا مسحها من ذاكرة
تاريخك
متناسيا ان ذاكرة الاماكن لا تنسى
ابدا
و اماكن تمر بها
فتناديك طرقاتها
فيخيل اليك انك تسمع اصوات
اصحابها الذين كانوا
تلتفت حولك وخلفك مرتعبا
فلا تلمح سوى بقايا تنبض بروح
الامس
وكانهم ما كانوا
و اماكن تمر بها
فتتمنى ان يعود الزمان عليها دقائق
لتعود كل تفاصيلها وطقوسها
لتنقتنص منها لحظة الفرح
وغادرتك معها اشياء اخرى كثيرة
و اماكن تمر بها
فتتمنى ان تخفي من فوق الارض
وان يتم مسح تضاريسها تماما
فعليها فقدت الكثير من نفسك
وعليها نحرت الكثير من فيمك
وعليها كانت البشاعة عنوانا
لانسانيتك
وعليها كنت انت .. ليس انت
و اماكن تمر بها
فتغمض عينيك امامها الما
فهذه الاماكن كانت يوما تعني لك
الكثير
احتوت احلامك في مهدها كالام
وربتت على حزن ايامك كالوطن
وسترت مشاعرك
ومنحتك الفرح والامان بلا حدود
و اماكن تمر بها
فتشعر بالغصة تسلل الى اعماقك
وتشعر بالمرارة تستقر في فمك
فهنا احببت يوما
وهنا كان لقاؤك الاول يوما
وهنا كان وداعك الاول يوما
وهنا كان انكسارك الاول يوما
و اماكن تمر بها
فينحرك المرور بها نحرا
فهنا كنت اجمل
هنا كنت اصغر
هنا كنت انقى
هنا كنت اصدق
هنا كنت اطهر
فتعود منها محملا بكل الاشياء
الا نفسك....!!